التحرر االقتصادي في روسيا: دروس لليبيا؟
قد يكون من المفيد لليبيا دراسة التجارب الروسية في بداية مرحلتها الانتقالية، علمًا بأنه من المفترض أن تكون العملية الانتقالية أسهل في ليبيا نظرًا لأن وضع اقتصادها الكلي أفضل بكثير مما كان عليه الوضع الروسي. وإن كان من أمرٍ تُنبّه إليه التجربة الروسية، فهو ضرورة تجنب انعدام استقرار الاقتصاد الكلي. فقد نجت روسيا بعد تقوية وزارة ماليتها ومصرفها المركزي، وعالجت مشاكلها المالية عبر اعتماد نظام ضريبي بسيط يشمل ضرائب قليلة وقواعد ضريبية واسعة ومعدلات ضريبية منخفضة نسبيًا. كما كان لصندوق النقد الدولي دورٌ حاسم في معالجة مشاكل الاقتصاد الكلي الروسي. أما النجاح الأكبر الذي حققته الإصلاحات الروسية فكان تشكيل اقتصاد سوق كامل متكامل في وقت باكر، من خلال تحرير الأسعار والأسواق وريادة الأعمال. في المقابل، أتت محاولات الدولة لتعزيز سياسة المنافسة بنتائج عكسية عمومًا، حيث كانت كل هيئة حكومية ميّالة إلى توطيد الاحتكار. فكان الجزء الأنجح من الخصخصة هو بيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المملوكة للدولة من قبل السلطات الإقليمية والمحلية، علمًا بأن آلية بيعها كانت أقل أهمية من عملية البيع بحد ذاتها. يُشار أيضًا إلى أن النفط يهيمن على كلا الاقتصادَين الروسي والليبي. وكان العائق الرئيسي في روسيا هو أن بضعة رجال أعمال اكتسبوا ثروات من عمليات المراجحة بين الأسعار المحلية المنخفضة للغاية والأسعار الدولية المرتفعة. فقد قامت روسيا بتفكيك شركة النفط الوطنية في وقت مبكر، ثم خصخصت الشركات التي نتجت عن تفكيكها. وفي حين لقيت هذه الخطوة نجاحًا هائلاً من الناحية الاقتصادية، لم يتقبّل الشعب الروسي ولا الحكومة الروسية أصحاب شركات النفط الجُدد، فوقعت فوضى قانونية واقتصادية وسياسية، الأمر الذي أدى إلى إعادة تأميم هذه الشركات. لكن أحد الإخفاقات الروسية الحاسمة هو عدم بناء سلطة قضائية مستقلة، إذ كانت لتكون حيوية لحقوق الملكية العقارية. وكان ينبغي أن يكون بناؤها أولوية.
31 أكتوبر 2024
18 أبريل 2024
15 أبريل 2024