مستويات الحكم والتقسيم اإلداري في نظام الحكم المحلي المستقبلي في ليبيا

تحميل الملف

المقدمة

منذ بداية تاريخ الدول، لعب ترسيم الحدود دورًا محوريا في استراتيجيات الدولة للسيطرة على المجال والسكان. لعملية رسم الحدود الإدارية الداخلية في كل بلاد تبعات سياسية، واقتصادية، واجتماعية مهمة. من خلال رسم الحدود الداخلية، تمنح الدولة اعترافًا رمزيًا وفوائد مادية لمناطق معينة ومتساكنيها وتشكل أيضًا الهويات والانتماءات والممارسات الاجتماعية، مثل التنقل والتبادلات الاجتماعية والاقتصادية.

تتناول هذه الورقة موضوع مستويات الحكم في نظام الحكم المحلي المستقبلي في ليبيا ومسألة الحدود الإدارية بين المناطق. إذا تم التوصل مستقبليا الى اتفاق سلام يشمل اصلاح نظام الحكم المحلي في ليبيا، ستطرح مسألة مراجعة الحدود والتقسيمات الإدارية لوحدات الحكم المحلية (الولايات أو الأقاليم والبلديات) وسلطاتها. يعد موضوع التقسيمات الإدارية شائكا في ليبيا لعدة أسباب منها الهويات المحلية والتنافس بين بعض المجموعات القبلية وسيطرة قوى مسلحة مختلفة على أجزاء من نفس المحافظة، ما يفرض حدودًا فعلية مغايرة للتقسيمات الرسمية. إذا سيتم مراجعة التقسيم الإداري، سيكون في غاية الأهمية تصميم عملية ترسيم حدود عادلة تراعي عدة عوامل مهمة وتشرك عدة أطراف، من أجل جعل الحدود الجديدة مقبولة. محاولة فرض ترسيم إداري من المركز دون معالجة الواقع المحلي قد تُفجر النزاعات القائمة وتخلق نزاعات جديدة.

تقوم الورقة على مقابلات مع أطراف متعددة في ليبيا منهم خبراء في الحكم المحلي وأكاديميين وممثلين لمكونات سياسية واجتماعية خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر 2023 وورشة عمل في فبراير 2024، الى جانب قراءة للدراسات المتوفرة عن تاريخ وواقع الحكم المحلي في ليبيا. وتُعد هذه الورقة الثانية ضمن سلسلة أوراق حول مستقبل الحكم المحلي في ليبيا، حيث تركز كل ورقة على جانب مختلف من جوانب الحكم المحلي. من خلال توضيح المفاهيم، ورصد المواقف، والاستفادة من تجارب من سياقات أخرى، نسعى إلى تنشيط الأفكار وخلق مساحة للحوار بين الليبيين، لتمكينهم من دراسة وتقييم الخيارات المختلفة ونتائجها محتملة، بهدف الوصول إلى نظام حكم محلي يلبي احتياجات وتطلعات الشعب الليبي.

1 تاريخ التقسيم الإداري في ليبيا

كما تم ذكره في الورقة الأولى[1] من هذه السلسلة، خضع التقسيم الإداري في ليبيا الى عدة عمليات تعديل، ابتداء من الحكم العثماني (1551- 1911). أعاد قانون إدارة الولايات لعام 1864 تنظيم التراب الليبي إلى 5 سناجق وهي سنجق طرابلس الغرب وسنجق الخمس وسنجق الجبل الغربي وسنجق فزان وسنجق بنغازي وتتفرع السناجق إلى قضاءات أو أقضية وبعض القضاءات كانت تقسم إلى نواحي. عكس التقسيم العثماني مناطق النفوذ العسكري ومتطلبات فرض الجباية، مع ضعف السيطرة المركزية على المناطق الداخلية، خاصة في الجنوب الليبي (فزان) الذي كان يُدار بمرونة نسبية بسبب بعده عن المركز وقوة النفوذ المحلي، مما يؤكد أن اللامركزية كانت أمرًا واقعيًا آنذاك. وفي عام 1871، أنشأ قانون إدارة المحافظات المعدل البلدية كوحدة إدارية، لكل منها رئيس ومجلس بلدي استشاري. تأسيس البلديات بموجب هذا القانون يُعد أول محاولة فعلية لتطبيق الحكم المحلي على المستوى الحضري، لكن بقيت هذه البلديات ذات طابع رمزي ومقيد بسلطة الباشا أو الوالي.

بعد بداية الاستعمار الإيطالي عام 1911، خضعت المحافظات الليبية لعملية إعادة تنظيم مرة أخرى. وبعد نهاية الاستعمار عام 1951، تم إنشاء نظام ملكي فيدرالي بقيادة الملك إدريس، يتكون من ثلاث أقاليم تتمتع بالحكم الذاتي، وهي إقليم برقة، وإقليم طرابلس، وإقليم فزان. وجاء النظام الفيدرالي بعد الاستقلال كحل توافقي بين الأقاليم الثلاثة التي كانت قد طورت

هويات سياسية وإدارية شبه منفصلة، خصوصًا بسبب العزلة التي فرضها الاستعمار الإيطالي على بعضه. تمتعت كل ولاية بالحكم الذاتي من خلال حكومة إقليمية ومجلس نيابي محلي ولكن التجربة الفيدرالية لم تدم وقتا طويلا وواجهت تحديات سياسية وإدارية واقتصادية، بسبب التفاوت في الموارد والبنية التحتية، ما أدى إلى المطالبة بتوحيد المركز. تم تغيير الدستور الليبي سنة 1951 في 26 أبريل 1963، وإلغاء النظام الفيدرالي. خضعت الخارطة الإدارية إلى إعادة تنظيم مرة أخرى، من المحافظات الثلاث إلى 10 محافظات، وهي محافظة البيضاء، محافظة الخمس، محافظة أوباري، محافظة الزاوية، محافظة بنغازي، محافظة درنة، محافظة غريان، محافظة مصراتة، محافظة سبها، ومحافظة طرابلس.[2]وتم تقسيم كل مقاطعة إلى متصرفيات، وكل متصرفية إلى مديريات. كل مقاطعة يترأسها محافظ (معين من طرف السلطة المركزية، ومسئول أمام وزير الداخلية عن القيام بواجباته واختصاصاته) وكل متصرفية يترأسها متصرف، وكل مديرية مدير. وحدد القرار رقم 13لسنة 1963دور المحافظ، “ممثلا للحكومة في حدود المقاطعة ويتولى الإشراف على تنفيذ سياستها العامة وتنفيذ القوانين واللوائح.” عكست صلاحيات المحافظ مركزية الدولة في مراقبة تنفيذ السياسات، لكنها في نفس الوقت فتحت الباب لإمكانية وجود طبقة تنفيذية محلية يمكن البناء عليها مستقبلاً.

شهد الحكم المحلي في ليبيا تغيرات عديدة وفقا لفلسفة “الإدارة الشعبية”. رغم الإبقاء على عدد المحافظات، شهدت هذه الفترة عدم استقرار في تنظيم الوحدات الإدارية وتم إلغاء تقسيم البلديات واستبدالها بالشعبيات. وأدت المركزية الشديدة التي فرضها النظام الجمهوري إلى تفاقم التهميش في بعض المناطق وإضعاف سلطات المحافظات والبلديات تدريجيًا، وهو ما يمكن اعتباره أحد جذور المطالبات اللاحقة بالعودة إلى اللامركزية بعد 2011. وفي إطار عمل الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، تم اقتراح تقسيم اداري جديد في مشروع الدستور لعام 2017 في الفصل 144: “تقسم الدولة إلى محافظات، وبلديات؛ وفق مقتضيات الأمن الوطني، والموازنة بين معايير السكان، والمساحة، ووحدتها الجغرافية، والعوامل الاقتصادية، والتاريخية بما يحقق العدالة الاجتماعية، والوئام المجتمعي، والتنمية، مع مراعاة الكفاية، والفاعلية، ويجوز إنشاء وحدات إدارية أخرى؛ إذا اقتضت المصلحة العامة؛ وذلك كله وفق ما يبينه القانون.”

2 مستويات الحكم

حسب قانون 59 لسنة 2012 بشأن نظام الإدارة المحلية، يتكون التقسيم الإداري في ليبيا حاليا من محافظات وبلديات ومحلات. ولكن أحد التحديات الرئيسية التي تواجه الحكم المحلي حاليًا في ليبيا هو غياب المستوى الثاني من الحكم، أو المحافظات. غياب هذا المستوى الوسيط بين البلديات والحكومة المركزية خلق فراغًا إداريًا كبيرًا، خصوصًا فيما يتعلق

بالتنسيق بين البلديات ومعالجة القضايا التي تتجاوز حدود كل بلدية على حدة (مثل النقل الإقليمي والمياه الجوفية والأمن المحلي). هذا الخلل البنيوي يؤدي إلى تكدّس المهام على الحكومة المركزية من جهة، ويضعف من فعالية البلديات من جهة أخرى، ما يجعل إعادة تفعيل هذا المستوى ضرورة لا مجرد خيار هيكلي. ولكن تعثرت المقترحات والمبادرات المتتالية للمجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني بشأن إنشاء محافظات أو ولايات مجددا، لوجود خلافات حول حدوده[3].

وبخصوص نظام الحكم المحلي المستقبلي، وجدنا إجماعا بين مختلف المشاركين في البحث على الحفاظ على ثلاثة مستويات من الحكم: (1) الحكومة الوطنية\المركزية؛ (2) الأقاليم/المقاطعات/المحافظات؛ و (3) البلديات. وجود إجماع مبدئي على ضرورة اعتماد ثلاثة مستويات للحكم يُعد نقطة قوة في المشهد الليبي، لكن يجب التأكيد على أهمية عدم الاكتفاء بهيكلة هرمية شكلية، بل ربط كل مستوى بأدوار وصلاحيات واضحة، وآليات رقابة ومساءلة متبادلة. التجارب الإقليمية (مثل تونس والمغرب) أظهرت أن غموض العلاقة بين المستويات الثلاثة يُضعف اللامركزية والتنسيق في إسداء الخدمات.

ويوجد مقترح آخر من بعض مساندي اللامركزية الموسعة بإنشاء 4 مستويات :الحكومة المركزية ومحافظات وبلديات، مع إضافة أقاليم اقتصادية تضم عددا من المحافظات لخلق التكامل والتوازن بينها. ويقترح أن يكون لكل إقليم مجلسا للتخطيط والتنمية يتكون من المحافظين وعمداء البلديات في الإقليم للتنسيق بين المناطق وخلق التكامل من حيث الموارد وتعزيز السلم الاجتماعي، مع اتخاذ قرارات مجلس الإقليم بأغلبية الثلثين لضمان تمثيل المناطق الصغرى في صنع القرار. يُعتبر هذا المقترح خطوة متقدمة نحو تحقيق التكامل الأفقي بين المحافظات وتقليص الفوارق التنموية، خصوصًا مع وجود تفاوت حاد في الموارد (بين الشمال والجنوب، والشرق والغرب). غير أن إنجاح هذا النموذج يتطلب وجود أجهزة تخطيط إقليمية فعالة، واستقلالية مالية وإدارية، وصلاحيات تنسيقية حقيقية، وهو ما يفرض تعديلات قانونية وهيكلية.

الخلاف الأساسي القائم بما يخص مستويات الحكم يكمن في فكرة إنشاء أقاليم ذات صلاحيات واسعة. يرى البعض ان ليبيا تحتاج الى نظام فدرالي يعتمد على مؤسسات تنفيذية وتشريعية منتخبة في كل محافظة\مقاطعة\إقليم تتقاسم السلطات والموارد مع الحكومة المركزية. في المقابل، يقترح الآخرون نظام “لامركزية موسعة” تعطي السلطات المحلية المزيد من الصلاحيات والموارد مع الإبقاء على سلطة تشريعية واحدة وحكومة واحدة. هذا الخلاف يُخفي في طيّاته صراعات سياسية وتاريخية حول “توزيع القوة” بين المناطق. أنصار الفيدرالية غالبًا ما يستندون إلى تجربة ما قبل 1963، لكن من المهم التذكير بأن تلك الفيدرالية كانت نتيجة “توازن قلق” بين ثلاث أقاليم لم توحدها تجربة وطنية شاملة. في المقابل، تخوف المعارضين للفيدرالية ينبع من احتمالية تفكك الدولة، وهو ما يتطلب توضيح آليات التعاون والتنسيق بين مستويات الحكم، وتنفيذ خطوات أخرى لتعزيز الوحدة الوطنية والتقليل من مخاطر الانفصال[4].

3 مقترحات للتقسيم الإداري الجديد

أي نظام حكم مستقبلي لليبيا سيواجه صعوبات في ضبط الحدود الإدارية بين المحافظات\المقاطعات\الأقاليم\البلديات بسبب عوامل اجتماعية وسياسية. هذا وترفض بعض المناطق أو القبائل الوجود معًا في محافظة واحدة بسبب الخوف من الهيمنة من طرف مناطق أو قبائل أخرى، نتيجة لتاريخ طويل من التهميش المتبادل وانعدام الثقة في “الضمانات القانونية” لتوزيع السلطة داخل كل وحدة ادارية. لهذا السبب تم تأجيل موضوع إنشاء المحافظات من قبل حكومة الوحدة الوطنية، وفي خطاب ألقاه أمام مجلس النواب في يوليو 2021، صرّح رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة أن من بين المعوقات لتنفيذ نظام المقاطعات الآن وجود خلافات بخصوص رفض بعض المدن الانضمام إلى بعضها، وقد يصل الأمر إلى التلويح بالدخول في حرب[5].

تدور عدة مقترحات بخصوص التقسيم الإداري في ليبيا، على مستوى الأحزاب والمجتمع المدني والخبراء. فيما يلي، نستعرض المقترحات الرئيسية التي طرحها المشاركون في البحث.

3.1 إنشاء 12 محافظة أو إقليم

يقترح البعض إنشاء 12 محافظة أو إقليم لخلق التوازن بينها والحد من التفاوت بين المناطق الغنية والفقيرة. ويقترح البعض إضافة أقاليم اقتصادية يضم كل واحد منها محافظتين (باستثناء طرابلس وبنغازي التي تكون أقاليم لوحدها). ميزة هذا المقترحيكمن في تجنب التمركز الجغرافي من حيث عدد المحافظات\الأقاليم، كما أن ربط المحافظات بأقاليم اقتصادية يعكس توجهًا نحو التخطيط الإقليمي المندمج، وهو توجّه واعد شرط وجود آليات مالية وقانونية فعّالة على مستوى المحافظات والأقاليم.

3.2 إنشاء 3 أقاليم

يقترح البعض إنشاء 3 أقاليم (فزان، برقا وطرابلس) على أساس أنها وحدات تاريخية تراعي تنوع المجتمع الليبي. يحمل هذا المقترح “حمولة رمزية” قوية، ولكن توجد عدة مخاطر بخصوص هذا الخيار: (1) مخاوف من إمكانية انفصال إقليم أو أكثر، وإعادة إنتاج الانقسام الجغرافي الذي فشل النظام الفيدرالي السابق في تجاوزه؛ و (2) هيمنة مدينة أو بعض المدن الكبيرة أو قبيلة داخل إقليم واحد وتهميش المناطق والقبائل الصغرى.

وتظهر التجربة في عدة بلدان أنه عندما تتكون الاتحادات من عدد صغير من الوحدات الإقليمية، يفتح الباب للأقاليم لتحدي الحكومة المركزية وينتج علاقات سياسية غير مستقرة تمامًا. حتى لو نظرنا للتجارب المقارنة في الأنظمة الفدرالية، نادرا ما يتم التقسيم إلى عدد قليل جدا من الأقاليم. يبين الجدول أدناه عدد الوحدات في 28 نظام اتحادي حول العالم.

كمثال، عندما نالت نيجيريا استقلالها سنة 1960، أصبحت اتحادًا قائمًا على ثلاث وحدات موروثة من حقبة الاستعمار، تسيطر على كل منها مجموعة عرقية رئيسية. أدى هذا الترتيب إلى تفاقم الانقسامات السياسية، وسرعان ما تم مراجعة التقسيم سنة 1966 وإعادة التقسيم إلى 12 ولاية، التي بلغ عددها لاحقا 36ولاية.

تُعدّ البوسنة والهرسك مثالاً آخر لنظام فيدرالي قائم على عدد صغير جداً من الوحدات المكوّنة (اثنان فقط(، وهي لا تزال تشهد استقطاباً عميقاً ومطالبات بالانفصال. وقد ساهم الدستور الذي صيغ لإنهاء الحرب من خلال تقاسم السلطة في “تصلب الهويات العرقية المتنازعة” وعدم الاستقرار[6].

3.3 اعتماد الدوائر الانتخابية القائمة

يقترح البعض إنشاء 13 محافظة أو إقليم بناء على الدوائر الانتخابية القائمة لخلق التوازن بين الأقاليم والسلطة المركزية، وبين القبائل في كل إقليم. ولكن تم الاعتراض من بعض الأطراف على فكرة اعتماد الدوائر الانتخابية كحدود للأقاليم على أساس أنها تعكس مفهوما تقنيا بحتا لإدارة الانتخابات ولا تأخذ بعين الاعتبار العوامل الاجتماعية. ويذكر البعض أن بعض الأطراف لن تقبل التواجد والعمل مع الأطراف الأخرى الموجودة في نفس الدائرة الانتخابية الحالية في إطار إقليم مشترك أو محافظة مشتركة. إذا استخدام الدوائر الانتخابية كأساس لرسم حدود أقاليم أو محافظات جديدة قد يفتقر للشرعية الاجتماعية وقد يُؤدي إلى تجاور “غير طبيعي” بين مجتمعات محلية بينها خصومات أو غياب روابط اجتماعية حقيقية.

عمليا، لا بد من الانطلاق من مقترح أو تصور للتقسيم الإداري الجديد. نظرا للتخوفات الحقيقية حول مقترح “الأقاليم التاريخية” وضرورة تجنب التمركز الجغرافي، قد تكون الدوائر الانتخابية الحالية نقطة انطلاق لمناقشة خارطة إدارية جديدة، مع وضع آليات لمناقشة النزاعات حول حدود هذه الدوائر، على المستوين السياسي والاجتماعي.

4 تنظيم عملية ضبط التقسيم الإداري الجديد

تشكل مسألة ضبط حدود وحدات الحكم المحلي في ليبيا مسألة شائكة نظرا لأهمية هذه الحدود اقتصاديا وثقافيا وسياسيا. في الدول الخارجة من النزاع، يُعدّ إشراك المجتمعات المحلية في عملية ترسيم الحدود أحد أهم عوامل نجاح التقسيم الإداري لأن تحديد الحدود دون موافقة “القاعدة الاجتماعية” غالباً ما يُنتج حدوداً لا تحظى بالاعتراف المجتمعي، وتصبح موضع نزاع دائم. في الحالة الليبية، حيث توجد انقسامات على أساس جهوي وقَبلي، فإن اعتماد آليات تشاورية شفافة أمرٌ غير قابل للتجاوز. نظرا لتاريخ التهميش لعدة مناطق وانعدام الثقة بين الأطراف، أي تقسيم إداري جديد يجب أن يُبنى على “آلية توافقية” تُشرك المجتمعات المحلية في صناعة القرار، عبر عملية تشاركية لا تُفرض من الأعلى.

لا بد من الأخذ بعين الاعتبار عدة عوامل في تحديد تقسيم إداري جديد، منها التوافق بين الأطراف السياسية، الهويات المحلية والعلاقات الاجتماعية، والموارد الاقتصادية والهياكل الإدارية لضرورة إنشاء مناطق تتمتع بالكفاءة اللازمة لإدارة شؤونها. ونظراً للحاجة إلى تعزيز شرعية ومقبولية هذه الحدود لمختلف الجهات الفاعلة وللمواطن، لا يمكن ترك المسألة للمناقشة داخل وزارة واحدة أو دائرة مضيقة من المسؤولين. لا بد من تصميم عملية تسمح لمختلف الجهات الفاعلة السياسية والاجتماعية بالمساهمة وإبداء وجهات نظرها، بدلاً من اتخاذ قرار بشأن هذه القضايا بشكل حصري وراء أبواب مغلقة.

إن القبول الاجتماعي، بطبيعة الحال، ليس العامل الوحيد الذي ينبغي أن يحدّد حدود التقسيمات الإدارية. فهناك عدة عوامل أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار، منها التوافق السياسي بين الأطراف الفاعلة الرئيسة، والهويات المحلية والروابط الاجتماعية، والعوامل التاريخية، وأنماط التنقل، والموارد الاقتصادية، فضلاً عن القدرة الإدارية والبُنية التحتية، لضمان قدرة الوحدات المنشأة حديثاً على إدارة شؤونها بفعالية.

4.1 تجارب مقارنة في ضبط ترسيم الحدود

من الأمثلة المثيرة للاهتمام عن كيفية تنظيم عملية ترسيم الحدود بشكل أكثر “تشاركية” تجربة جنوب أفريقيا، حيث أطلقت نهاية الفصل العنصري في عام 1991 حوارا سياسيا حول كتابة دستور يؤسس لنظام حكم جديد. انهارت عملية التفاوض الأولى بين الحكومة وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي في 1992 عندما فشل الجانبان في التوصل إلى اتفاق بشأن الهيكل الانتقالي المؤقت والأغلبية المطلوبة لتغيير الدستور. وفي مارس 1993، استؤنفت المفاوضات وتم تشكيل هيئة تفاوض جديدة، تحت مسمى “عملية التفاوض المتعددة الأطراف” (Multi-Party Negotiation Process “MPNP”) الذي ضمت الأحزاب السياسية الرئيسية (26 حزبا) بالإضافة إلى الزعماء التقليديين وممثلي الحكومة الوطنية وممثلي المناطق.

أصبحت الفيدرالية ومسألة الحكم الذاتي من أكثر المواضيع الشائكة في سياق مجتمع شديد التنوع يعاني من انقسامات عرقية وإثنية وسياسية واقتصادية وموروثات الاستعمار والفصل العنصري. أيدت بعض الأحزاب فكرة منح الحكم الذاتي للمقاطعات، بما في ذلك حزب الحرية إنكاثا (IFP)، وهدد البعض باستخدام العنف إذا لم يتم تلبية هذه المطالب.. وفي الوقت نفسه، أيدت أحزاب أخرى، مثل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، نموذج الدولة الموحدة بقوة.

كما أن مسألة الحدود الإقليمية والبلدية كانت حساسة ومعقدة للغاية. كان نظام الفصل العنصري قد قسم جنوب أفريقيا إلى بانتوستانات لفصل السكان السود عن السكان البيض وكان هذا التقسيم جزءًا أساسيًا من استراتيجية الحكومة التي يقودها البيض لخلق أغلبية بيضاء في مناطق معينة وحرمان السود من المواطنة والحقوق المدنية والسياسية. وبعد انتهاء الفصل العنصري، ظهرت دعوات لإجراء تغييرات جذرية على هذه الحدود، والتي ارتبطت بتاريخ الفصل والتمييز.

أنشأت هيئة التفاوض MPNP لجنة منفصلة معنية بترسيم الحدود، سميت “اللجنة المعنية بترسيم حدود الولايات/المقاطعات/الأقاليم” (“CDDR”)، تتألف من خبراء رشحهم الطرفان. وقد سمح ذلك للهيئتين بالعمل بشكل متوازٍ – حيث يمكن للمفاوضين الرئيسيين التركيز على صياغة الدستور وادارة العملية الانتقالية، في حين ركزت لجنة الترسيم حصراً على قضية الحدود. كما سمح ذلك للجنة بالتركيز على الجوانب الفنية مع ترك الاعتبارات السياسية لهيئة التفاوض. وشملت صلاحيات اللجنة جمع المعلومات، الاستماع إلى الشهادات والمقترحات والتشاور على نطاق واسع بما في ذلك عقد جلسات استماع عامة، وتقديم تقرير باستنتاجاتها وتوصياتها إلى هيئة التفاوض، أين ناقش المفاوضون السياسيون التوصيات واتخذوا القرار النهائي بشأن الحدود.

تم وضع بعض المعايير لإرشاد عمل اللجنة، حيث طلبت هيئة التفاوض من اللجنة أن تأخذ في الاعتبار عوامل محددة في صياغة مقترحاتها، وهي: الحدود التاريخية، الهياكل الحكومية القائمة، توفر البنية التحتية والخدمات، التركيبة السكانية، الجدوى الاقتصادية، الإمكانيات التنموية، و”الحقائق الثقافية واللغوية”. كما أصدرت هيئة التفاوض تعليماتها إلى اللجنة لتقديم مقترحات حدودية تحد من التكاليف المالية، ومن تعطيل المواطنين والخدمات.

أنشأت لجنة الحدود لجنة فرعية للدعم الفني خاصة بها (TST) وأمانة إدارية وفنية، للمساعدة في جمع وتوفير المعلومات والخبرات المتخصصة حول البنية التحتية المادية والصحية والتعليمية للمناطق، وخصائصها الديموغرافية والطبوغرافية والبيئية، والخصوصيات الثقافية، وخطوط النقل والقدرات المؤسسية/الإدارية للمناطق. والجدير بالذكر أن لجنة ترسيم الحدود لم تناقش مسألة صلاحيات الأقاليم او الولايات اذ أنشأت هيئة التفاوض لجنة منفصلة، “اللجنة الفنية للقضايا الدستورية” (TCCI)، والتي وقع تكليفها بدراسة وتقديم مقترح بشأن صلاحيات ووظائف المناطق.

يوضح الجدول أدناه تكوين لجنة ترسيم الحدود حسب الخلفية المهنية.

في البداية، مُنحت لجنة ترسيم الحدود ستة أسابيع فقط لاستكمال عملها نظرًا لحرص الأطراف على استكمال العملية وإجراء الانتخابات. قررت اللجنة تخصيص مدة شهر لعقد استشارة وطنية وأصدرت دعوة عامة لتقديم المشاركات عبر الإذاعة والتلفزيون والصحف المحلية والإقليمية والوطنية بمختلف اللغات. كما أرسلت دعوة إلى الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية والنقابات العمالية والزراعية وإدارات الدولة واتحادات الأعمال والمنظمات النسائية ومجموعات أخرى، وعقدت جلسة استماع خاصة للأحزاب السياسية. بالإضافة إلى ذلك، عقدت اللجنة جلسات استماع شفهية في خمسة مدن ووفرت اللجنة ترجمة فورية إلى كل من اللغات الرسمية الإحدى عشرة، لإتاحة الفرصة للمواطنين للمشاركة. وفي بعض الأحيان، اختارت اللجنة عقد جلسات الاستماع خلف أبواب مغلقة دون حضور أي مراقبين أو ممثلي وسائل الإعلام، حيث أرادت الوفود التعبير عن آرائها بحرية، خاصة في المناطق التي تتواجد فيها مجموعات سياسية متعددة وتهديد بالعنف المسلح ضد بعض الوفود. وتلقت اللجنة 304 طلبا مكتوبا في شهر واحد.[8]

وفي نهاية الاستشارة الوطنية، كانت هناك انتقادات واسعة لعدم توفر الوقت الكافي للمواطنين للمساهمة فاضطرت هيئة التفاوض إلى تمديد عمل اللجنة لمدة ثلاثة أشهر أخرى للسماح لها بجمع المزيد من المداخلات خاصة حول موضوع “المناطق الحساسة” حيث توجد مخاوف بشأن نشوب نزاعات بين السكان. وفي المجمل، تم تقديم 157 عرضًا شفهيًا وتلقي 780 عرضًا كتابيًا على مدار أربعة أشهر.

استغرقت اللجنة 6 أشهر في المجمل لإنجاز عملها وفي تقريرها النهائي أوصت بإلغاء الأقاليم الأربعة القائمة وإنشاء تسع أقاليم.[9] وأوصت اللجنة بمنح سكان “المناطق الحساسة”، حيث توجد توترات شديدة بشأن الحدود، الحق في طلب إجراء استفتاء عام على الحدود في منطقتهم[10] بشكل عام.

تعتبر عملية ترسيم الحدود في جنوب افريقيا ناجحة من منظور التشاركية، وذلك على الرغم من وجود العديد من الانتقادات أيضًا. وتوضح هذه العملية صعوبة تحقيق التوازن بين مصالح الأحزاب/الأطراف السياسية ومداخلات المواطنين والمجتمع المدني، وكذلك بين الشفافية في الطرح والنقاش والسرية في اتخاذ القرار النهائي. كما واءمت العملية بين مساهمة الخبراء في مرحلة أولية وإعطاء الجهات الفاعلة السياسية والاجتماعية حق اتخاذ القرار النهائي. وقد سمحت المشاورات العامة بالاستفادة من وجهات نظر المجموعات والمحليات المختلفة وبناء توافق نوعا ما حول الحدود.[11]

4.2 استخلاص دروس في تنظيم عملية ضبط التقسيم الإداري الجديد

بناء على مقترحات الأطراف المشاركة في البحث وتحليل الواقع الليبي والتجارب المقارنة، يمكن بناء مقترح لتنظيم عملية ضبط التقسيم الإداري الجديد في ليبيا، مبني على النقاط التالية:

· انشاء لجنة منفصلة معنية بترسيم الحدود لإعداد مقترح للتقسيم الإداري الجديد. تندرج اللجنة من الهيئة العليا للمفاوضات، لربط عملية ضبط التقسيم الإداري بالعملية السياسية بطريقة واضحة. إذا اتسمت الهيئة العليا للمفاوضات بتمثيل جغرافي وسياسي واجتماعي واسع ومتوازن، سينعكس هذا إيجابا على عمل لجنة ترسيم الحدود.

· العضوية على أساس الخبرة: إعطاء الجهات الفاعلة السياسية والاجتماعية الممثلة في الهيئة العليا للمفاوضات حق ترشيح خبراء لعضوية اللجنة، من الشخصيات الغير حزبية ذات مهارات وخبرات فنية مناسبة، ولا تشغل أي منصب في أي حزب سياسي. ويشمل ذلك خبراء في مجالات الإحصاء والجغرافيا وعلم الاجتماع والاقتصاد والتنمية. نظرا لوجود مسائل تقنية معقدة بشأن تحديد الحدود، لا بد من إشراك خبراء يتمتعون بالمهارات والخبرات الفنية اللازمة.

· القرار السياسي: تقوم الجهات الفاعلة السياسية والاجتماعية الممثلة في الهيئة العليا للمفاوضات باتخاذ القرار النهائي بشأن المقترح المقدم لها من طرف اللجنة.

· التمثيل الاجتماعي: إذا اتسمت الهيئة العليا للمفاوضات بتمثيل اجتماعي متوازن، سينعكس هذا على تركيبة لجنة ترسيم الحدود وعملها. من المهم أن يتم مراعاة التنوع الثقافي في تركيبة الهيئة العليا للمفاوضات، مع ضرورة إشراك مؤسسات المجتمع المدني المحلية وخصوصًا المنظمات الشبابية والنسوية، لضمان أن لا تُحتكر العملية من قبل النخب التقليدية أو المجموعات ذات القوة المسلحة فقط.

· وضع مبادئ توجيهية لعملية ترسيم الحدود: تقوم الهيئة العليا للمفاوضات بوضع مجموعة معايير توجيهية لإرشاد عمل اللجنة. وضع معايير واضحة لتأطير العملية من البداية يعطي المجال لمناقشة الأسس التي سيبنى عليها التقسيم الاداري الجديد، ويساهم في إضفاء المزيد من المصداقية على الحدود الجديدة من خلال إطلاع المواطنين على المعايير التي اتُخذت القرارات على أساسها. قد تشمل هذه المعايير العناصر التالية:

o الحدود التاريخية

o المعالم الطبوغرافية، كسلاسل الجبال والأنهار

o التركيب السكاني: عدد السكان والهويات المحلية والعلاقات الاجتماعية

o الهياكل الحكومية القائمة وتوفر البنية التحتية

o الأعراف الخاصة بحقوق ملكية واستخدام الأراضي (مثل وجود أراضي قبلية)

o المقومات الاقتصادية والإمكانات التنموية

· تشريك المواطنين والمجتمعات المحلية: نظرا لحساسية الموضوع لا بد من اشراك طيف واسع من المجتمع المحلي في مناقشة التقسيم الإداري الجديد لمعرفة مدى قبول الحدود المقترحة. يتوجب على لجنة ترسيم الحدود تنظيم استشارة وطنية تتيح الفرصة للمتساكنين في كل أنحاء ليبيا لإبداء رأيهم في الحدود المقترحة. قد يتم تيسير المشاركة العامة بالوسائل التالية:

o عقد جلسات استماع عامة في جميع أنحاء البلاد يتم الإعلان عنها بعدة وسائل (الإذاعة والتلفزيون والصحف المحلية ومنصات التواصل الاجتماعي) لضمان وصول المعلومة

o عرض الخرائط والمقترحات على السكان قبل جلسات الاستماع العامة لتمكينهم من إبداء آرائهم بفعالية

o دعوة الجهات الفاعلة لتقديم آراءها (الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ونقابات العمال واتحادات الأعراف والمنظمات النسائية وزعماء القبائل الرئيسية، الخ)

o السماح لمنظمات المجتمع المدني بحضور اجتماعات اللجنة ومراقبة أعمالها

o تشكيل لجاناً فرعية لدراسة المناطق الحساسة بالتفصيل

هنا لا بد من ادراج ملاحظة بخصوص استعمال الاستفتاء العام كأداة لتشريك المواطنين. وكثيرا ما أثار المشاركون في المقابلات وورشة العمل التي أجريناها مع ممثلين لأطراف سياسية واجتماعية ومؤسسات الدولة في ليبيا مسألة الاستفتاء كأداة يمكن استخدامها للسماح للمواطنين بالتصويت على نظام حكم محلي جديد، بما في ذلك استفتاء على الحدود الإقليمية والبلدية. بينما يعطي الاستفتاء الشعبي مجالا للمشاركة العامة وللتحقق من إرادة الشعب، يحمل عدة مخاطر حقيقية، خاصة في ظل وجود انقسامات عميقة واستقطاب حاد بين الأطراف في حالات ما بعد الصراع، وغالبًاً ما تعمق الاستفتاءات العامة الانقسامات بدلاً من بناء التوافق والوحدة الوطنية أو وتعزيز الشرعية.

· وضع آليات لحل النزاعات حول الحدود: من الطبيعي أن تظهر نزاعات حول التقسيم الإداري رغم اشراك المواطنين، وحتى بعد ضبط حدودها بسنوات وعقود. من الممكن وضع آليات لتمكين المواطنين من ابداء رأيهم حول المشاكل التي قد يخلفها التقسيم الجديد لحل النزاعات بوسائل سلمية. يمكن مثلا، انشاء لجان تحقيق للنظر في هذه النزاعات واجراء مشاورات مع السكان وتقديم توصيات إلى الحكومة المركزية أو السلطات المحلية. او يمكن تشكيل هيئة وطنية دائمة للتحقيق في النزاعات الحدودية وحلها، خاصة في حال نشوب عدد كبير من النزاعات الحدودية. كمثال، أحدثت نيجيريا لجنة وطنية للحدود في عام 1987، ومنحتها سلطة اتخاذ القرار بشأن النزاعات الحدودية التي قد تنشب بين المقاطعات. يمكن للجنة حدود دائمة لعب دور مهم في مراقبة ظهور خلافات أو نزاعات حول الحدود وحلها عبر عدة وسائل، والعمل على دعم قدرات السلطات المحلية في تحسين الإدارة المشتركة للموارد العابرة للحدود مثل المياه.

5 الخاتمة

لا توجد حدود سياسية “طبيعية”، فالحدود السياسية والادارية يتم إنتاجها من خلال عمليات ونزاعات اجتماعية وسياسية. الحدود الإدارية تؤطر الحياة اليومية للمتساكنين وأنماط التبادل بينهم، ولكن تحمل أيضا معاني رمزية عميقة وتعكس وقائع تاريخية وتغيرات في توزيع السلطة عبر العقود. لا شك أن مهمة تحديد عدد وحدود وصلاحيات السلطات المحلية في ليبيا مهمة شائكة، قد يتم تحديدها أثناء عملية التفاوض أو تترك لفترة انتقالية ما بعد اتفاق السلام. إن الهدف الأساسي في إعادة رسم الجغرافيا الداخلية في ليبيا ينبغي أن يتمثل في الحد من الفوارق التنموية بين المناطق وإعادة توزيع الموارد بينها لبناء نظام عادل ومستقر يضمن كرامة المواطن ويستجيب للمطالب الأساسية التي أشعلت الثورة ضد نظام القذافي في عام 2011.

يهدف المقترح الذي قمنا بتقديمه في هذه الورقة إلى بناء تصور لعملية ضبط حدود إدارية جديدة في ليبيا تحقق التوازن بين عدة اعتبارات مهمة: ضرورة إيجاد توافق سياسي بين الأطراف الرئيسية التي تسيطر على العملية السياسية عبر إعطائها القرار النهائي بخصوص الحدود الجديدة وضمان قبولها لهذه العملية؛ تشريك المواطنين والمجتمعات المحلية التي سوف تعيش آثار التقسيم الإداري الجديد وتمكينهم من ابداء آرائهم لبناء توافق على مستوى المجتمع نفسه؛ وأخيارا، الأخذ بعين الاعتبار الجوانب الفنية (الاقتصادية والإدارية) للوصول إلى تقسيم ينتج سلطات محلية قادرة على القيام بمهامها في تقديم الخدمات وخلق التنمية العادلة للتقليص من الفوارق التنموية وتعزيز التماسك الاجتماعي والوحدة الوطنية.

[1] إنتصار خريجي، “آفاق الحكم المحلي في ليبيا: تأطير النقاش للاستقرار بعد الصراع”، ورقة سياسات، منصة المتوسط، كلية دراسات الحكومة، جامعة لويس، أكتوبر 2024.

[2] قرار رقم (13) لسنة 1963 بشأن التنظيم الإداري للمملكة.

[3] انظر على سبيل المثال إلى قرار حكومة الوحدة الوطنية رقم 182 لسنة 2022، الذي نصّ على إنشاء 19 محافظة تتكوّن من عمداء البلديات في المنطقة، برئاسة محافظ مُعيّن؛ وكذلك إلى المقترحات التي قدّمها المجلس الرئاسي في عام 2022: 1.4558171-14-11-https://www.albayan.ae/world/arab/2022

[4] خريجي (2024).

[5] الدبيبة: طرحنا فكرة المقاطعات بسبب مشكلات في قانون المحافظات” ، بوابة الوسط، 545.6 يوليو 2021.

[6] 6 Marie-Joëlle Zahar, “When the Total is less than the Sum of the Parts: The Lessons of Bosnia and Herzegovina”, Forum of Federations, Occasional Paper Series Number 26, 2019

[7] 7 Meshack M. Khosa, M. and Muthien, Y. (1997) ‘The Expert, The Public and The Politician’: Drawing South Africa’s New Provincial Boundaries,’ South African Geographical Journal, 79:1, pp. 1-12.

[8] 8 Yvonne Muthien and Khosa, M. (1995) ‘The Kingdom, the Volkstaat and the New South Africa’: Drawing South Africa’s New Regional Boundaries, Journal of Southern African Studies, vol. 21, no. 2, pp. 303-322.

[9] 9 في ناميبيا، بالمقابل، مُنحت لجنة ترسيم الحدود عشرة أشهر لاستكمال عملها.

[10] 10 Sagie Narsiah (2019) ‘The politics of boundaries in South Africa: the case of Matatiele’, South African Geographical Journal, 101:3, pp. 399-414.

[11] 1 نفس المصدر

تحميل الملف

مستويات الحكم والتقسيم اإلداريفي نظام الحكم المحلي المستقبلي في ليبيا

إنتصار خريجي

2 يوليو 2025

آفاق الحكم المحلي في ليبيا: تأطير النقاش للاستقرار بعد الصراع

إنتصار خريجي و رضا اللوح

31 أكتوبر 2024

دراسة استقصائية حول التحدّيات البيئية في ليبيا

ملاك التائب وعمر شعيرة

4 يونيو 2024